دور الدعاة بعد رمضان
المساجد ملأى عن آخرها بالقائمين والعاكفين، والرُّكَّع السجود، وألسنة
الناس بالذكر منشغلة، والمصاحف لا تكاد تفارق أياديهم، والصدقات تكثر
وتفيض، والأرحام تُوصَل بعد طول قطيعة، وتسود بين المسلمين روح الإخاء
والمحبة والتسامح والتغافر.
إنها صورة رائعة تظهر في المجتمعات الإسلامية كلما حل رمضان، يحسدنا عليها
العالم أجمع. لكن -وللأسف الشديد- سرعان ما تتبدل هذه الصورة وتتغير، بل
تنقلب إلى أقصى درجات المخالفة في أول يوم بعد انتهاء هذا الشهر الكريم،
يوم العيد، الذي يكون بداية لعودة عجيبة في سرعتها وشكلها إلى ما كان قبل
رمضان من حال، وربما أكثر تجاوزا، لدى الكثير من الناس، إلا من ثبته الله
على الطاعة والخير؛ حيث تعود المساجد فارغة بعد عمران، وتعود المصاحف بعد
الألفة والصحبة للهجران، وتعود أخلاق الكثير من الناس إلى ما كانت عليه،
فتسمع منهم ما لا تحب، وترى ما تكره.
ربما لا يكون الأمر بهذه الدرجة من السوء في بعض البلدان، ولكن لا يختلف اثنان على أن تغييرا جوهريا يحصل بعد رمضان.